وحش متعدد الرؤوس وراءه أحزاب سياسية أكثر من 500 مليار دولار خسارة العراق من الفساد في 15 عاماً
4-يناير-2023

تواجه الحكومات العراقية المتعاقبة منذ عام 2003، مشكلات حقيقية في مواجهة آفة الفساد المستشري بمفاصل الدولة بعد الغزو الأميركي للبلاد، والذي تشير التقديرات إلى تكبيد البلاد، أكثر من 500مليار دولار خلال السنوات الخمس عشرة الماضية، وانعكس ذلك سلبا على مجمل الخدمات والبنى التحتية للمواطنين.
ويصنف العراق ضمن الدول الأكثر فسادا في العالم، إذ احتل المرتبة 157 عالميا بين 180 دولة ضمن مؤشرات مدركات الفساد الذي أصدرته منظمة الشفافية الدولية العام الماضي 2021، مما يؤكد أن البلاد تعاني من مشكلة متفاقمة دون أن تحدد المنظمة أرقاما دقيقة لحجم الفساد في البلاد.
اذ اقر رئيس هيئة النزاهة، حيدر حنون، بصعوبة مهمة مكافحة وتقصي ملفات الفساد في العراق، معتبرا أنها أعقد من عمليات مكافحة الإرهاب.
وقال حنون إن "المعركة ضدَّ الفساد “أعقدُ من مكافحة الإرهاب، كون الأخيرة واضحة والأعداء مُشخَّصون، بينما تتَّسم معركتنا ضدَّ الفساد بالغموض ونحتاج لعمليَّاتٍ مضنيةٍ من التحرِّي والتقصي والتحقيق لدكِ أوكار الفاسدين”.
حاثاً الفرق التحقيقيَّة والتدقيقيَّة وعناصر التحري على تكثيف جهودهم لمُحاربة الفساد ومُلاحقة المتجاوزين على المال العام.
وأكد على “أهمية محاسبة كبار الفاسدين – مهما علا شأنهم – والحرص على عدم إفلاتهم من العقاب”، مُنوِّهاً بـأنَّ “العراق عراقُ المُخلصين ولا مكان للفاسدين بيننا”.
الفاسدون يسرقون قوت المُواطن
وأوضح أن “الفاسدين يسرقون قوت المُواطن ويتسبَّبون في ضياع مُستقبل الأجيال القادمة”، مُشيراً إلى أنَّ منهاج عملنا في الهيئة هو مكافأة الكفوئين المُتميِّزين ومُعاقبة المُسيئين المُتقاعسين”.
والشهر الماضي وجه رئيس الوزراء الجديد محمد شياع السوداني بتشكيل الهيئة العليا لمكافحة الفساد في البلاد، ضمن مساعي تنفيذ برنامجه الحكومي الذي تناول قضية متابعة قضايا الفساد والحد منها.
وتختص “الهيئة العليا لمكافحة الفساد” بتسريع مواجهة ملفات الفساد الكبرى واسترداد المطلوبين بقضايا الفساد والأموال العامة المعتدى عليها، وفقا للبيان الحكومي العراقي.
وفي وقت سابق أيضا قالت هيئة النزاهة إن الأردن وتركيا ولبنان تمثل أبرز الدول التي يتم تهريب أموال قضايا الفساد الحاصلة في العراق إليها.
مؤكدة تواصل إجراءاتها لاسترداد تلك الأموال على الرغم من وجود بعض العقبات القانونية.
وقال المتحدث باسم الهيئة علي محمد قوله إن “أبرز الدول التي تم تهريب الأموال المتحصلة من الفساد إليها هي المملكة الأردنية وتركيا ولبنان، وعدد من الدول الإقليمية الأخرى”، دون أن يشير إليها.
مؤكدا أن “إجراءات الهيئة مستمرة لاسترداد تلك الأموال”.
مواجهة آفة الفساد وسيطرة الأحزاب
في السياق ذاته، قال عضو غرفة تجارة بغداد حسين الساعدي، إن استمرار حالة عدم التقدم بملفات الفساد الكبيرة سببه وقوف أحزاب سياسية وفصائل مسلحة وشخصيات نافذة خلفها، وهذه أهم وأبرز صعوبات تواجه عمل لجان مكافحة الفساد منذ عام 2005 ولغاية الآن.
وأضاف الساعدي أن “اللجان المختصة سواء هيئة النزاهة أو فرق التفتيش، تعمل ضمن المستطاع، بمعنى أنها لا تتمكن من الاقتراب من ملفات الفساد التي يتورط بها قادة الصف الأول بالعملية السياسية في العراق”، وفقا لقوله.
وعن حجم الأموال المهربة، يتحدث أستاذ الاقتصاد في الجامعة العراقية ببغداد عبد الرحمن المشهداني أن حجم الأموال المهربة تتراوح بين 350 و600 مليار دولار للفترة من عام 2006 ولغاية عام 2018، وأن السنوات اللاحقة سجلت العديد من ملفات الفساد دون إمكانية تحديد حجمها، مع الأخذ بنظر الاعتبار أن مزاد بيع الدولار في البنك المركزي العراقي لا يزال مستمرا، وسط اتهامات مسؤولين حكوميين بتهريب العملة الصعبة خارج البلاد.
ويفصّل المشهداني تلك الأرقام ليؤكد أنها ناتجة عن مشاريع وهمية ومتلكئة، حيث إن الحكومة كانت قد صرفت أموال تلك المشاريع دون وجود لها على أرض الواقع. ويضيف أن الفترة بين عامي 2006 و2014 شهدت صرف المليارات من الدولات على 6 آلاف مشروع لم تنفذ، حيث إن سياسة الحكومة آنذاك كانت تصرف تكلفة المشاريع لحظة توقيع العقود، دون اعتماد نظام السلف النسبية التي تعطى للمقاولين وفق نسبة إنجاز كل مشروع.
وكان النائب في البرلمان السابق محمد اللكاش قد أوضح في حديث سابق، أن “مئات المليارات من الدولارات سرقت من العراق، ضاعت ما بين دول الجوار وبنوك أوروبا، وتحولت إلى عقارات واستثمارات وشركات ضخمة”.
مقدراً أن “حجم الفساد بلغ أكثر من 500 مليار دولار خلال السنوات الماضية”.